سياسة عالم

منْ أباد «حلبجة» بالكيماوي.. صدام حسين أم إيران ؟

لطالما شكلت مجزرة “حلبجة” مأساة أليمة في وجدان الأكراد في إقليم كردستان في العراق، بعد تعرضها إلى لقصف كيماوي، أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، أسفر عن موت الآلاف من أبنائها.

وتزداد مأساة “حلبجة” ألماً مع عدم اليقين النهائي بشأن المُرتكب الحقيقي للمجزرة حتى الوقت الراهن، إذ تدور الاتهامات في ذلك ما بين رواية تتهم نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وأخرى تشير إلى ضلوع نظام الملالي الإيراني الذي مازال على رأس السلطة في إيران، حتى اليوم، بما يفتح الأبواب لمحاكمته دولياً إذا ما ثبت وقوفه خلف المجزرة الدامية.

قصة المجزرة

بدأ كل شيء قبل 34 عاماً، وتحديداً في مارس عام 1988م، حيث كانت الحرب العراقية الإيرانية قد بدأت في وضع أوزارها بعد قتال شرس دام ثماني سنوات، وراح ضحيته عشرات الآلاف، ولكن في الأشهر الأخيرة للحرب استطاع الإيرانيون اقتحام الحدود العراقية واحتلال مدينة حلبجة، ما شكل إزعاجاً كبيرا للنظام العراقي حينذاك.

وعلى الرغم من موقف القوة بالنسبة للقوات الإيرانية التي دخلت إلى حلبجة، إلا أنها قد تقهقرت القوات بشكل مفاجئ، ثم سرعان ما وقعت كارثة القصف بغاز كيماوي قاتل على المدينة الكردية، ما أدى إلى إبادة حوالى 5 آلاف مواطن كردي من العراق، فيما توفي لاحقاً نحو 10 آلاف شخص آخرين، جراء الآثار الكيماوية للغاز السام، أما المدينة فقد عانت من آثار بيئية مُدمرة، لا يزال بعضاً منها مستمراً حتى اليوم، ما شكل روايتين بشأن مرتكب الواقعة على النحو التالي:

رواية اتهام صدام

تقول هذه الرواية إن نظام الرئيس صدام حسين، قد وجه اتهامات مبطنة لبعض سكان حلبجة التابعة لمدينة السليمانية في الجزء الشمالي الشرقي من العراق ، بالتعاون مع الإيرانيين وتسهيل دخولهم للمدينة الكردية، في الوقت الذي أرادت خلاله بغداد استعادتها مهما كلفه الأمر في ظل مؤشرات قوية حينذاك كانت تؤكد أن عام 1988م، سيكون نهاية الحرب العراقية الإيرانية حسب التفاهمات الدولية، ما تطلب من الطرفين المتحاربين العمل بوتيرة سريعة على استعادة جميع الأراضي التي احتلها الطرف الآخر على طول الشريط الحدودي الممتد بينهما بطول نحو 1450 كيلومتراً.

وتزعم هذه الرواية أن القوات العراقية الغاضبة من احتلال حلبجة، قد اندفعت نحو المدينة في 16 مارس 1988م، حيث تعرضت إلى قصف بالقنابل الغاز السام، يُعتقد أنه كان بأيدي الجيش العراقي، حيث تتبنى هذه الرواية القيادة السياسية لكردستان العراق، و نظيرتها الإيرانية، وبعض أطراف المجتمع الدولي.

رواية اتهام إيران

ثارت رواية مضادة بشأن مأساة حلبجة، تشير إلى أن القوات الإيرانية هي من تقف خلف قصف المدينة بالسلاح الكيماوي، جراء اضطرارها المفاجئ للانسحاب منها مقابل تقدم القوات العراقية، إذ تستند هذه الرواية إلى العديد من الدلائل، بينها تعرض الجنود العراقيين إلى القصف بنفس الغاز السام خلال تواجدهم بالمنطقة المحيطة للمدينة الكردية.

كما كشف ضابط عراقي سابق، عن دليل ربما يغير مجرى القضية كلها، مؤكداً أن الغازات السامة التي قُصفت بها حلبجة لم تكن ضمن الأسلحة المخزنة في مستودعات الجيش العراقي، ومن ثم فإن نظام الرئيس صدام حسين لم يكن مسؤولاً عن المجزرة المروعة، وفقاً لأخبار الخليج البحرينية.

وتتوافق شهادة الضابط العراقي، مع ما كشفته وثائق أمريكية مُسربة تشير إلى أن صدام حسين، قد أكد للمحققين الأمريكيين أثناء استجوابهم به بعد اعتقاله في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م، عن أنه قد سمع عن القصف الكيماوي لحلبجة من الإذاعات الأجنبية، مضيفاً: “لو كان قرار القصف صادرا عن بغداد لكنت أنا من أصدره، ولو كنت قد فعلت ذلك فإنني لا أخاف من أحد، إذ أعترف بذلك الآن”.

وتظل مأساة مجزرة حلبجة، تشكل جدلاً مستمرا، بشأن حقيقة مرتكبها الفعلي، ففي الوقت الذي رحل خلاله الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عن عالمنا، يتبقى طرف آخر تشار إليه أصابع الاتهام التي إذا ما ثبتت حقيقتها فربما يجد آلاف الضحايا ممن قضوا في المجزرة، حقهم المسلوب حتى اليوم.