منوعات

في عصر التقنيات الحديثة.. هل يختفي الورق؟

ارتبط الورق في التاريخ بحاجة الإنسان إلى التدوين بالحروف أو بالرسم، ثم صارت له استعمالات كثيرة في حياتنا اليومية، نستخدمه في كل أشكاله، من الصحف الورقية إلى أكياس الورق إلى أوراق المعاملات الإدارية إلى الدفاتر المدرسية والكتب، وكذلك النقود الورقية، وغيرها.

منذ بداية اختراعه من قبل المصريين القدماء، كان الورق يُستعمل للتدوين، وهو ما ظهر في أوراق البردى، ويرجع الفضل في اختراع الورق الذي نعرفه اليوم إلى الصين قديماً، إذ كان يُصنَّع عن طريق خلط ألياف القنب مع قطع قماش بالية وشباك صيد قديمة.

في عام 10 م، اخترع أحد المسؤولين الحكوميين الورق، عن طريق خلط توليفة عجيبة قوامها القماش ولحاء الشجر والشباك مع الماء لتكوين عجينة ثم فردها في الشمس لتجف. وحظي الاختراع الجديد بإعجاب الإمبراطور، رغم أن الورق لم يستخدم آنذاك إلا لتغليف الأشياء الثمينة.

وفي غضون 650 عاماً، ظهرت الطباعة التي مهدت الطريق لظهور الكتب وأوراق اللعب، وسرعان ما اختُرعت المناشف الورقية. وتزامن انتشار الورق في الشرق الأوسط، مع العصر الذهبي للإسلام، وأتاح للعلماء تسجيل اكتشافاتهم العلمية التي ساهمت في الارتقاء بعلم الفلك والطب والهندسة والأدب والرياضيات.

ولم يصل الورق إلى أوروبا إلا بعد ألف عام أو يزيد، وكان الأوروبيون يستخدمون جلود العجول والماعز والخراف للكتابة عليها. وذُبح نحو 4.2 مليون شاة على الأقل في الفترة ما بين عام 1150 و1850 بغرض الحصول على جلودها، وكانت تكلفة الجلد المُعَد للكتابة باهظة واستخدامه مقتصر على الأثرياء، وفق هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.

مصانع الورق

قبل قرون قليلة بدأت تظهر مصانع الورق في أوروبا، وكانت الآلة الأولى لتصنيع الورق على يد الفرنسي نيكولاس لويس عام 1789، وتوالت بعده الابتكارات على يد الأخوين هنري ووسيلي فوردينير. وفي عام 1841 اخترع فريدريك كيلر في إنجلترا طريقةً ميكانيكيةً لصناعة لب الورق من الخشب.

لكن على الرغم من إيجابيات اختراع الورق فإن لها سلبيات أيضاً، إذ تستهلك كميات كبيرة من المياه العذبة والطاقة الكهربائية، ومن الأشجار قبل بدء العمل في إعادة تصنيع الورق المستعمل، حسب “إندبندنت عربية”.

وأسهمت صناعة تدوير الورق في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، وحققت إعادة تصنيع الورق دورة جديدة من الحياة لآلاف الأطنان من الورق غير المرغوب فيه، وأسهمت في إيجاد عمل جديد للورق والبشر أيضاً بعد انتشار ثقافة إدارة النفايات الصلبة، وتوسع مصانع تدوير الورق الذي تحول إلى سوق اقتصادية عالمية ضخمة، بعدما كان الهدف الأول منه بيئياً.

[two-column]

للورق استعمالات كثيرة في حياتنا اليومية، من الصحف إلى الأكياس إلى أوراق المعاملات الإدارية والدفاتر المدرسية والكتب، وكذلك النقود.

[/two-column]

وتمر عملية تدوير الورق بمراحل عدة، أهمها جمع الورق المستعمل وفرزه للحصول على النوعية الصالحة للتصنيع، ثم يأتي دور تقطيعه إلى شرائح صغيرة، وغمره في أحواض مائية تمهيداً لخلطه للحصول على العجينة التي يُصنع منها الورق الجديد، ويمر بعدها بمراحل أخرى كالتشكيل والتجفيف. وقد أصبحت عملية إعادة تصنيع الورق سهلة، وبإمكان الأفراد القيام بها يدوياً عبر وسائل تصنيعية بسيطة. لكن هل سيختفي ورق القراءة بسبب ظهور الأوراق الرقمية والنصوص الإلكترونية وغيرها من التقنيات المتطورة؟

الورق الإلكتروني

لا يزال كثيرون يحرصون على القراءة من الكتب الورقية أو الصحف، والكتابة على الدفاتر، وتتنوع أسبابهم في ذلك؛ فمنهم من يرغب في منع اختفاء الكتابة الورقية على أنواعها بوصفها أهمَّ ما تركه التراث الإنساني، ومنهم من يفضل القراءة الورقية بسبب الانزعاج من ضوء الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، فيما يجد آخرون متعةً في جريان القلم وحبره على الورق، وفي القراءة من كتاب ووضع الملاحظات عليه، والتوقف عند صفحة معينة ثم العودة إليها من دون الجهد الذي تتطلبه الشاشات المضاءة والمؤذية للعين.

كل ذلك يعطي شعوراً بالاطمئنان إلى كون الورق لن يزول في عالم الكتابة والقراءة، حتى إن أصبح مع مرور الوقت مقتصرًا على قلة من الناس، كما جرى مع كثير من الاختراعات القديمة التي خفتت أهميتها بسبب التطور التقني، مثل الآلة الكاتبة.

لكن مع التطور التقني الكبير الذي نشهده، ما زال الورق بين أيدينا ولم يختفِ بعد، أما عن مستقبله فكل النظريات تبقى مجرد تكهنات، وكل الآراء تبقى احتمالات.

اقرأ ايضا:

أكثر اللحظات رعباً في تاريخ كرة القدم

آمال قمة جلاسكو بشأن درجة الحرارة

الشركات العالمية تتسرب من بين أيدي الصين