سياسة عالم

الصين والهند.. أبرز محطات التوتر بين الجارتين النوويتين

تجدد التوتر بين الجارتين النوويتين، الصين والهند، بعد وقوع اشتباكات على الحدود بينهما، بين دوريات عسكرية هندية وصينية في قطاع تاوانغ (ولاية أروناتشال براديش الشمالية).

وحدث الاشتباك بين حرس الحدود الهندي والعسكريين الصينيين، قبل نحو 15 يوماً، بعد أن اقتحم أكثر من 100 جندي من الجيش الصيني قطعة أرض في قطاع تاوانغ، تعتبرها الهند ملكا لها، فيما اتهمت الصين، لاحقاً، الهند بإعاقة تسوية قضية الحدود.

ويعد تجدد التوتر سمة عامة للعلاقات الثنائية بين القوتين النوويتين، التي تسجل سلسة حوادث حدودية تتكرر بشكل دوري، آخرها هذا الشهر، وقبله في يناير الماضي ويونيو 2020. في السطور التالية، نستعرض أبرز محطات ذلك التوتر.

بعد أن خاض البلدان حرباً حدودية واسعة النطاق عام 1962، تتكرر الحوادث من هذا النوع بشكل دوري، في المناطق الحدودية بينهما.

وفي العام الماضي، قتل 20 جندياً هندياً في عراك بالأيدي والهراوات والحجارة مع جنود صينيين في جزء من الحدود المتنازع عليها، وقالت الصين إنها فقدت أربعة جنود.

ويتركز النزاع على المنطقة المعروفة باسم خط السيطرة الفعلية الذي يفصل الأراضي التي تسيطر عليها الصين، والهند من لاداغ في الغرب إلى ولاية أروناتشال براديش في شرق الهند.

مناوشات سابقة

وقد سبق أن دخلت قوات البلدين في مناوشات مباشرة في منطقة دوكلام الحدودية عام 2017 بعد تحريك قوات هندية للتصدي لما وصفته نيو دلهي آنذاك بالمحاولة الصينية لتعزيز تواجدها بالمنطقة وهي المناوشات التي انتهت عبر القنوات الدبلوماسية بعد 73 يوماً من التوترات.

وتدعي الصين بأن الهند تحتل 90 ألف كيلومتر مربع من الأراضي الواقعة شمال شرق الهند، بما فيها ولاية أروناشال براديش الهندية ذات الأغلبية البوذية بينما تقول نيودلهي إن بكين تحتل 38 ألف كيلومتر مربع من أراضيها وفي هضبة اكساي تشين بجبال الهيمالايا بما في ذلك جزء من لاداخ.

وقد أدى النزاع لاندلاع حرب حدودية خاطفة بين الطرفين عام 1962 ما أثر على علاقاتهما الدبلوماسية لعقود.

لكن بعدها عاد البلدان ووقعا عام 1993 اتفاقية “حفظ السلام والهدوء” على خطوطهما الحدودية إلا أن الاتفاقية وما تبعها من أكثر من 20 جولة تفاوض لم تحسم الخلاف أو على الأقل لم تُترجم بشكل فعلي على أرض الواقع.

المناطق المتنازع عليها

هضبة أروناتشال براديش: منطقة حدودية، تقع عند مفترق طرق بين الصين ومملكة بوتان وولاية سيكيم التي تقع شمال شرق الهند.

أكساي تشين: منطقة متنازع عليها بين الطرفين غرب جبال الهيمالايا، تبلغ مساحتها حوالي 38 ألف كيلومتر مربع، وهي خالية من السكان تقريباً، وتحتوي على العديد من البحيرات الملحية.

تخضع المنطقة لسيطرة الصين التي تعتبرها جزءاً من إقليم شنغيانغ، وما تزال الهند تطالب بالمنطقة وتعتبرها جزءاً من منطقة لاداخ الواقعة في إقليم جامو وكشمير.

وتقول بكين إن حقها في السيادة على المناطق المتنازع عليها مدعوم بمجموعة من الوثائق تعود إلى اتفاقية حدودية أبرمت مع بريطانيا في السابع عشر من مارس 1890، وعرفت باسم “سيكيم التبت” بالإضافة إلى وثائق من السفارة الهندية بالصين صدرت عام 1960 تؤكد اعتراف وقبول الهند ببنود الاتفاقية.

فيما تقول الهند إن حكومة بوتان طلبت منها التدخل بالنيابة عنها، وتعتبر المنطقة ذات أهمية إستراتيجية للأمن القومي الهندي، فسيطرة بكين عليها من شأنها أن تسهل للقوات الصينية الوصول بيسر إلى ممر سيليغوري الذي يربط بين ولايات الهند الشمالية والشرقية بباقي البلاد.

عرض عسكري للجيش الصيني

ويتمحور الخلاف الرئيسي بين الصين والهند حول عدم ترسيم حدودهما الممتدة على طول 4 آلاف كيلومتر، ويعتبر مصير ولاية أروناتشال براديش الهندية أخطر نقاط المواجهة، فقد ضُمت المنطقة إلى الأراضي الهندية خلال حقبة الاستعمار البريطاني.

محطات تاريخية

عام 1826 ضمت شركة الهند الشرقية البريطانية “آسام” ومدت التأثير البريطاني تدريجياً إلى الإقليم الشمالي الشرقي من الهند.

عام 1912 أصبح الإقليم الذي يُطلق عليه الآن “أروناتشال براديش” وحدة إدارية ضمن آسام، وأطلق عليه منطقة الحدود الشمالية الشرقية.

عام 1914 تفاوض ممثلو جمهورية الصين والتبت وبريطانيا وتوصلوا إلى معاهدة بالهند سميت اتفاقية سيملا لترسيم الحدود بين التبت الداخلية والخارجية، وكذلك بين التبت الخارجية والهند البريطانية. رفضت الصين ترسيم حدود التبت الخارجية وانسحب مندوبها، فأرفق المفوضون البريطانيون والتبتيون مذكرة تحرم الصين من أي امتيازات بموجب الاتفاق، وأغلقت كاتفاق ثنائي.

عام 1950 بدأت الهند بالمطالبة بالمناطق المتنازع عليها، على أساس اتفاقية سيملا. غير أن الصين رفضت المطالب الهندية، وقالت إن التبت لم تكن يوماً دولة مستقلة، ولذلك لم تتمكن من توقيع معاهدة نيابة عن بكين لتعيين حدود دولية، وأضافت أنه طالما لها السيادة على التبت فإن الاتفاق غير سارٍ بدون موافقة صينية.

عام 1960 عقد مسؤولون من الهند والصين مناقشات من أجل تسوية النزاع الحدودي بينهما، بناء على اتفاق بين رئيسي الوزراء جواهر لال نهرو وتشو إن لاي. واختلف البلدان على مستجمعات المياه الرئيسية في القطاع الغربي من الحدود.

عام 1962 احتلت الصين أجزاء من ولاية أروناتشال براديش، واندلعت الحرب الصينية الهندية. ومنيت الهند بهزيمة قاسية، ورغم ذلك احتفظت بالولاية بعد انسحاب القوات الصينية منها وسط ضغوط دولية.

[two-column]

يعد تجدد التوتر سمة عامة للعلاقات الثنائية بين القوتين النوويتين، التي تسجل سلسة حوادث حدودية تتكرر بشكل دوري، آخرها هذا الشهر، وقبله في يناير الماضي ويونيو 2020

[/two-column]

عام 1986 حدثت اشتباكات حدودية، ودخل الطرفان في مفاوضات لحل تلك الخلافات ولتحديد الخط الحدودي بينهما، دون التوصل إلى نتيجة.

عام 1987 تأججت المواجهة بين البلدين عندما أطلقت الحكومة في نيودلهي لقب “ولاية” على منطقة أروناتشال براديش، لتصبح الولاية الهندية رقم (29) وهذا ما أغضب بكين وأنذر بنشوب حرب، قبل أن يتوصل الطرفان إلى حل دبلوماسي حال دون ذلك.

عام 1996 أبرم اتفاق لحل النزاع بما في ذلك “تدابير بناء الثقة” وخط المراقبة الفعلية المتفق عليه بصورة متبادلة.

عام 2006 ادعى كلا البلدين توغلات تصل إلى كيلومتر واحد في منطقة أروناتشال براديش، مما أدى إلى نشوب توتر واتهامات متبادلة.

عام 2009 أعلنت الهند أنها ستنشر قوات عسكرية إضافية على طول الشريط الحدودي.

عام 2013 قالت الهند إن قوات صينية أنشأت معسكرا على بعد 10 كيلومترات من حدودها الشرقية، وقالت إن التوغل شمل قيام مروحيات عسكرية صينية بدخول المجال الجوي الهندي، غير أن بكين نفت ذلك. وانتشر جنود من البلدين على الحدود لمدة شهر كامل، قبل أن ينسحبوا جميعاً.

في أبريل 2014 اقترحت نيودلهي أن تعترف الصين بسياسة “الهند واحدة” لحل النزاع الحدودي.

في سبتمبر2015 تواجهت القوات الصينية والهندية بمنطقة بورتسه شمال لاداخ بعد تفكيك القوات الهندية برج مراقبة بنته الصين بالقرب من خط الدوريات العسكرية المتفق عليه بين البلدين.

في يونيو 2017 قام الجانبان بزيادة قواتهما إلى ثلاثة آلاف جندي لكل منهما، وذلك عندما اعترض جنود هنود على قيام الجيش الصيني ببناء طريق في منطقة متنازع عليها.

يوم 23 من يوليو 2017 طالبت الصين جارتها بسحب قواتها من الجزء الصيني للشريط الحدودي بينهما، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع ووتشيان إن على نيودلهي اتخاذ خطوات عملية لتصحيح الخطأ والكف عن الاستفزازات والعمل معا من أجل استقرار وأمن المنطقة، وحذر من الاستهانة بقدرات الجيش الصيني مؤكداً أن قدرته على الدفاع عن السيادة تتعزز باستمرار.

يوم 24 من يوليو 2017 اتهمت الصين جارتها بانتهاك اتفاقية حدودية أبرمتها بريطانيا مع بكين عام 1890 وتعهدت الحكومات الهندية السابقة باحترامها. وطالبت الحكومة الصينية نظيرتها الهندية باحترام الاتفاق الحدودي لإنهاء توغل “خطير للغاية” نفذته القوات الهندية.

منتصف يونيو 2019  أرسلت الصين جنودا لحماية أعمال بناء بمنطقة دوكلام المتنازع عليها، وذلك لشق طريق حدودي، فردت الهند بنشر قوات عسكرية حالت دون استكمال المشروع، وبررت ذلك بأن السماح ببناء الطريق من شأنه أن يجعل الوصول إلى مناطق حساسة سهلاً للصينيين. واتهمت بكين القوات الهندية بأنها اجتازت الحدود الصينية، وطالبت وزارة الدفاع الهند بسحب قواتها وحذرت من الاستهانة بقدرات جيشها، مؤكدة أن قدرته على الدفاع عن السيادة.